هذه مقالة مميزة أخترتها لكم من جريدة الأنباء وهي عبارة عن تشخيص للوضع البيئي في الكويت ووسائل إصلاحه كتبها الأخ الدكتور / وليد الحداد
تاريخ 11 / 7 / 2011
أصبح الإنسان هو العدو الأول للبيئة بما ينتجه من مواد لها آثارها السلبية على البيئة وأيضا لاستخدامه المفرط للطبيعة لحاجاته اليومية، ولهذا أصبحت دول العالم تصدر قوانين وتضع الحوافز لمنع الدمار البيئي لأن استمرار الدمار البيئي يهدد الوجود الإنساني وفي الكويت نحن لسنا بعيدين عن هذا الدمار البيئي،
وهناك قضية مهمة في قضايا البيئة أن المنظمات الرسمية ليس لديها القدرة على مواجهة أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح والمصانع الكبيرة في الحد من الدمار البيئي، ولذلك تنشط المنظمات غير الرسمية للحفاظ على البيئة والحزب الأخضر أو جماعات الخط الأخضر لها نفوذها الكبير على القرارات الرسمية لهذه الدول بسبب نفوذها الكبير في الانتخابات الرسمية لهذه الدول.
ولذلك يجب ألا نعول كثيرا لدينا في الكويت على المنظمات الرسمية في الحد من التلوث البيئي، وفي الكويت للأسف الشديد دمرت لدينا البيئة تدميرا غير مسبوق فالشواطئ الكويتية أصبحت غير آمنة للسباحة والسبب في ذلك للأسف الشديد المنظمات الحكومية بما ترميه في البحر من نفايات ومياه المجاري ومن الملحوظ أنه لا توجد قياسات مطمئنة معلنة لمستويات التلوث في المياه من مصادر موثوقة غير هيئة البيئة ويظل الكويتي محروما من البحر بسبب هذه الممارسات العبثية في تدمير البيئة الكويتية، والأمر المهم جدا الذي تعرضت له البيئة الكويتية هو حرق الآبار أثناء الغزو الصدامي الغاشم للكويت وحرق أكثر من 700 بئر والذي نتج عنه بحيرات كبيرة جدا من النفط وكان من المتوقع أن تقوم الحكومة فورا بإزالة هذه البحيرات لما لها من آثار بيئية مدمرة بالإضافة إلى أن بيع هذه البحيرات سوف يعطي دخلا للخزانة الكويتية ولكن للأسف صراع أصحاب النفوذ على هذه البحيرات ألقى بظلاله على استمرار هذه البحيرات إلى يومنا هذا والمشكلة البيئية التي تسببها هذه البحيرات النفطية هي تسرب النفط إلى مستويات المياه الجوفية في الكويت واحتمال تلويثه لهذه المياه مما يهدد استعمالها نهائيا وهذا من شأنه تهديد الزراعة لدينا نهائيا.
وأيضا من مشاكلها البيئية الأبخرة التي تصدرها وهي سامة وتسبب الأمراض التي ازدادت بشكل ملحوظ منذ تحرير الكويت وعندما استفسرت من إحدى المخلصين والمتابعين لأمر البيئة في الكويت فإن قصة البحيرات النفطية تحمل مأساة إدارية وفسادا غير مسبوق حيث يذكر لي أن سبب تأخر معالجة البحيرات منذ التحرير إلى حين إقرار الأمم المتحدة لموضوع التعويضات أن الكويت كانت ترغب في عدم سحب البحيرات إلى حين إقرار الأمم المتحدة للتعويضات وهذه بالطبع المأساة بعينها وبعلمها إذ ان مرحلة التسجيل والتوثيق في البداية كانت كافية ولا داعي لموضوع الانتظار إلى حين دمار البيئة الكويتية لأموال نحن لسنا بأشد الحاجة إليها، وفي عام 2001 أقرت الأمم المتحدة تعويضات بقيمة 3 مليارات دينار لتأهيل البيئة الكويتية، ومن بعدها بدأ صراع أصحاب النفوذ على هذه المليارات الثلاث وهم كما حدثني ثلاث مجموعات مالية كبيرة في البلد وأمام هذا الصراع توقف القرار الرسمي إلى أن وصل تهديد الأمم المتحدة لسحب هذه التعويضات ما لم تستخدم في تأهيل البيئة الكويتية.
وحتى نطلع القارئ على حجم المشكلة فإن البحيرات النفطية حجمها 22 مليون برميل، توزعت على 500 بحيرة نفطية شمال الكويت وجنوبها وبلغ إجمالي مساحتها ما يقارب 49 كيلومترا بالإضافة إلى مئات الكيلومترات المربعة من التربة التي تلوثت، ويبلغ حجم التلوث 16 مليون متر مكعب من التربة الملوثة بالنفط بالإضافة إلى 5 ملايين متر مكعب من الحمأة النفطية، والسؤال المهم: من المسؤول عن هذه المأساة البيئية ومن نحاسب وإلى متى يستمر التدمير البيئي في الكويت؟
مظاهر الخلل البيئي في الكويت
1 ـ تدهور البيئة الصحراوية: عانت البيئة الصحراوية في الكويت من التدهور البيئي ولعل أهم مظاهر الخلل:
أ ـ الزحف الصحراوي والتصحر الشديد حيث ان 70% من مساحة الكويت أصبحت صحراء جرداء بدون أي غطاء نباتي واندثار النباتات العشبية المعمرة مثل العرفج، الثمامة، الثندة، والعلندة.
واختفاء الغطاء النباتي أدى إلى عدة مظاهر أهمها قلة الطيور المهاجرة التي كانت معروفة في الكويت مثل الحبارى والقطا والدحايج وغيرها بسبب تدمير مسارات هجرة هذه الطيور في مناطق الكويت المختلفة، هذا ناهيك عن الحيوانات الصحراوية التي كانت تسكن أراضي الكويت، ولعل من أهم مظاهر التصحر في الكويت كثرة الغبار وازدياده بصورة غير طبيعية، وأيضا انتهاء أماكن التخييم المعروفة بالنباتات الصحراوية بسبب تدهور القشرة الأرضية وتكون غير قابلة أن تتماسك البذور فيها.
ب ـ ولعل من أهم أسباب التدهور البيئي الصحراوي الدراكيل (وهي أراض كانت تستخدم لاستخراج الصلبوخ) حيث كانت تعطي لشركات تراخيص بدون تنظيم وبدون ضمانات وبطريقة عشوائية وكان عددها 60 ـ 70 مقلع صلبوخ وبالرغم من انتهاء هذه الفترة ووقف تراخيصها إلا أن الدمار الذي حدث لم يتم تصليحه حتى تاريخه وتسبب في تصحر ودمار بيئي كبير آثاره ما زالت ممتدة إلى يومنا هذا.
ج ـ التخييم غير المنظم ولفترات كبيرة كانت تمتد لستة شهور، أدى إلى دمار بيئي كبير وتدمير للقشرة الأرضية ومنع النباتات البرية من النمو والمفروض أن تنظم هذه الفترات وفي الربيع فقط ولمدة شهر واحد.
د ـ الرعي الجائر هو أحد أسباب التصحر لدينا بسبب عدم تحديد أماكن الرعي ومواسمها وقلة الدعم الحكومي للأعلاف.
هـ ـ الصيد الجائر للطيور المهاجرة والبرية وعدم تنظيم مواسم الصيد وأماكنها.
هذا الخلل البيئي الصحراوي أدى إلى ازدياد حدة الغبار وحرمان الكويتيين من الاستمتاع بالربيع والنباتات الصحراوية وأيضا إلى تدهور الثروة الحيوانية في الكويت.